Sami Nasr نصر سامي  
 
  مديح البيت 18/05/2024 17 05 06 (UTC)
   
 

مديح البيت

مسرحية شعرية أخذت من "كتاب الحب" الصّادر عن دار سيبويه للشّاعر نصر سامي، وأضيفت إليها مقطوعات أخرى وفواصل باللّهجة الدّارجة، وتمّ تمثيلها في موسم 2007/2008 في إنتاج مدعّم من طرف وزارة الثقافة والمحافظة على التّراث.

الشخصيات

- الشاعر 

- الطفل

- الكورس: ممثل01، ممثل 02، ممثل 03، ممثل 04

- البالي: متكون من أربعة عناصر يجسد الأشباح والخيالات

            يظهر الشّاعر في زاوية من الفضاء منهمكا في الكتابة. يبدُو عليه القلق والاِضطراب الذّي ينتاب أيّ مبدع أمام أثره الفنيّ. يكتب، يمزق ما يكتب، يسكن للحظات ثمّ يعود للكتابة يتوقّف فجأة وعدم الرّضا واضح عليه، يعود إلى تمزيق ما كتب...

الشاعر:

وحدي.. أنا توّة وحدي.. الواو وحّدها والحاء وحدها والدّال وحدها والياء وحّدها.. كل حرف يلوّج على روحو.. أنا نلوّج على لغتي ولغتي تلوّج عليّا، أنا بلادها وهيّ بلادي. الفكرة واضحة... يلزمني نعرف آشنوّة نحبّ.... كيف نعرف آشنوّة نحب انجّم نخدم.. نقلّع العروق الخايخة. نبدّل كل شيء.

صمت

قبل هذا الكل يلزم أنا نتبدّل... ولاّ يلزم تتبدل الدنيا ؟؟ نحبّ نبدى ويبدى معايا العرض.. لكن كِي نْجِي نبدى نلقى روحي بعيد بعيد ياسر. إسم معلّق في الهوا.. وكيف يبدى  العرض حد ما يتفكّرني.. يمكن يتفكروا جملة ولاّ اثنين،  يتفكروا الممثل أما أنا صعيب.. صعيب ياسر.

صمت

تعبت بالحق تعبت... توّ شهور وأنا هكّة، التصاور تتولد، تتفرّع والضّو يتحلّ.. والدنيا الضيقة توساع.

صمت

والكلام ما عادش نقيشة على صوابع الكتب.. ولاّ بلاد كاملة كل كلمة نهار وليل، كل كلمة بحر وصحراء،  كل كلمة شمس صغيرة شعرها مطلوق في الضّو وجوانحها محلولة.. تفرفط كي الدّمعة المغدورة بسيوف الوقت..

صمت

كيف يبدى العرض وانراه.. نتذكّر حياتي.. نتذكر اللّيل إلّي كتبت فيه.. نتذكر دارنا، أمّي، بابا، نتذكّر خواتي.. نبدى كي النجمة الصغيرة المعلّقة في ضباب المحبّة.. قلبي عصافر سطح يضربوا بجوانحهم ويدقّوا البيبان المسكّرة والشبابك الكحلاء. وروحي خضراء صغيرة، عذراء.. مسحورة ما تعرفش الخوف.. نتذكّر الدنيا البيضاء.. وحمامها المسيّب في السّماء ونقول لروحي.. بنفس الصوت الدّافي القديم.. ارجع طفل صغير.. أرجع نجمة وطير، أطلق جوانحك في ضباب المحبّة.. أضرب الأرض الممدودة بساقيك.. فيّقها قلّها قوم.. أرفض قول لا، قول إيه.. حلّ البيبان المسكّرة.. إلّي مسكّرها الخوف.. ما تخافش.. ما تدوّرش وجهك.. ما تهربش.. خلّي نسمة هوا تدخل.. دق مسمار صغير في الفضاء علّق عليه حوايجك وأحزانك باش تشيح.. مدّ عروقك.. مسّ.. جسّ.. بوس.. عنّق.. أضرب.. حلّ الشبابك إلّي عمرها مارات الضوء.

تتصاعد الموسيقى متزامنة مع عرض لعنوان المسرحيّة والقائمين عليها على شاشة ثبّتت وسط الفضاء ويبدوا جليّا أنّ هذا العرض هوّ ما تجود به ذات الشاعر المبدعة ومخيّلته في تصوّرها للعمل. يدخل الطفل من عمق الفضاء حاملا على يديه شماغا. يتقدّم نحو الوسط ساكنا ناظرا نحوالأفق في ثبات. يقف برهة يجول بناظريه كمن يتأمّل وجوه المتفرّجين. في نفس الوقت تدخل أنثى من الجانب الأيسر مطأطئة الرّأس، تتقدم إلى مكان وقوف الطفل الذي يتقدّم بدوره على نفس وتيرته إلى الجانب الأيمن من الرّكح، يجلس وما يزال الشماغ على يديه. تقف الأنثى وتنطلق في لوحة تعبيريّة راقصة جوهرها التّيه والتشتّت والضياع مع رغبة جامحة في الثبات دون جدوى حتّى تسقط متهاوية في قلب الفضاء والإجهاد باد بصورة جليّة عليها فلا نسمع منها سوى أنفاسها المتقطّعة والمضطربة.

الطفل ما يزال في مكانه جالسا وشماغه على ركبتيه ينظر ثابتا نحو الأفق. يظهر الممثل الأوّل من بين صفوف الجمهور يتقدّم رويدا، رويدا نحو الرّكح داخل الظّّلام كالشّبح لا نرى منه شيئا عدا وجهه وقدميه.

الممثل 01 :

أحمل اسمك في ذاكرتي في أعماقي

في خطوات الموت الصّاعد في أوردتي

أحمل اسمك يا سيّدتي في إشراقي

في عتمات القبر النابت في أنسجتي

يظهر الممثل الثاني أيضا من بين صفوف الجمهور ويتقدّم على نفس طريقة الأول.

الممثل 02 :

أحمل اسمك في غاياتي في أحداقي

في رقصات الموت الحامل صوتي

يا أغنيتي ... يا أحلى أغنية تأتي

يظهر الممثل الثالث في مكان آخر ويتقدم.

الممثل 03 :

كنت وحدي ...

أرادت يدي أن تقول

ووحدي أراد دمي أن يقول ...

لم أزل واقفا منذ ستّين عاما ...

أُعدُّ يدي لاِحتضان يديك وأكسرُ صمت الفصول.

يظهر الممثل الرّابع.

الممثل 04 :

 كنت وحدي ومازلت وحدي...

 كأنّي بلا وطن...

 شرّدتني القصائد من بيتها...

 واستعار دمي الموت والشعراء.

يستمر الكورس يردد جميع الأبيات المذكورة في صوت خافت هادئ متناسق لا نكاد تبيّن صوتا إلاّ صوت الطفل الذّي يبقى في مكانه يردد  معهم جميعا.

تنتبه الأنثى إلى الطفل وتتقدّم إليه في حركاتها التعبيريّة كأنّها تستمدّ القوة من هذه الكلمات ونفسها الصّادر عن الطفل، تتفاعل معه دون أن تلمسه وتساعده على الوقوف.

ينتصب الطفل واقفا وشماغه على يديه.

الطفل والكورس:  في صوت واحد

أحمل اسمك في ذاكرتي في أعماقي

في خطوات الموت الصّاعد في أوردتي

أحمل اسمك يا سيّدتي في إشراقي

في عتمات القبر النابت في أنسجتي

أحمل اسمك في غاياتي في أحداقي

في رقصات الموت الحامل صوتي

يا أغنيتي ... يا أحلى أغنية تأتي

الطفل وقد إشتد صوته صحبة الكورس الذي يصطف في خط مستقيم كلُّّ ممثل فيه إلى وجهته لا نرى منهم سوى الوجه والقدمين.

الطفل والكورس: في صوت واحد.

كنت وحدي ...

أرادت يدي أن تقول

ووحدي أراد دمي أن يقول ...

لم أزل واقفا منذ ستّين عاما ..

أُعدُّ يدي لاِحتضان يديك

وأكسرُ صمت الفصول.

كنت وحدي ومازلت وحدي ...

كأنّي بلا وطن ...

شرّدتني القصائد من بيتها ...

واستعار دمي الموت والشعراء.

يعطي الطفل الشماغ للممثل الأول في الكورس الذي يسحبه بدوره  للثاني حتى يصير الشماغ على الأيادي ليسير به الكورس كمن يحمل نعشا والطفل يمشي خلفهم حتى يصلوا وسط الفضاء. يقف الطفل ويواصل الكورس سيره رويدا، رويدا.

الطفل:

قم ... أيّها الشجن الغريب

عد سريعا للتراب

أطع دمي واذهب بعيدا...

كن جدارا للغريب..

وكن قصيدا..

كن صباحا للّذي اِعتادت خطاه اللّيل

وسر بخطوتنا الوئيدة.

الممثل 01 :

سر بخطوتنا الوئيدة.

تاركا طرف الشماغ ثم ينطلق إلى داخل الفضاء ليقف على جانب الشاشة الأيمن وظهره إلى الجمهور

الممثل 02 :

سر بخطوتنا الوئيدة.

 تاركا الشماغ لينطلق إلى داخل الفضاء ويخرج

الممثل 03 :

سر بخطوتنا الوئيدة.

 تاركا الشماغ لينطلق إلى داخل الفضاء ليقف على جانب

الشاشة الأيسر وظهره إلى الجمهور.

الممثل 04 :

سر بخطوتنا الوئيدة.

يترك الشماغ معلّقا على ذراع الطفل ويخرج.

يأخد الطفل الشماغ مع إنطلاق الموسيقى ويعمل على وضعه على كتفيه. تنبعث أضواء كثيرة صغيرة ودقيقة كالتّي كانت مع الكورس في كل أنحاء الفضاء بين الجمهور وعلى الركح في حركة متناسقة على الإيقاعات الموسيقيّة في حين يبدأ عرض على الشاشة لصور مختارة لكاريكاتور الفنّان ناجي العليّ. تتجمع تلك الأضواء على الركح بعد نهاية عرض الصور لنتبيّن مجموعة البالي في لوحة راقصة معبّرة جوهرها الصراع الداخلي لدى الإنسان الحر الذي لا ينته رغم ما يصحبه من معاناة.

الطفل:

أنا أوّل الشعراء الذّين يحبّون كوثرهم.

الممثل 03 :

أنا أوّل نور يصّاعد من عتمات الرماد القديم.

أنا أوّل العائدين من الموت.

الطفل:

أنا أوّل الشعراء الذّين يحبّون كوثرهم.

الممثل 01 :

لا أعرف الأنبياء ولكنّني واقع في مداهم. لا أعرف الشعراء ولكنّني خارج من رؤاهم.

الممثل 02 :

ولا أعرف اللّه لكنّني هاؤه لامه

والحروف التّي أوقد الخلق فيها وأنبت فيها الحياة.

الطفل:

أنا أوّل الشعراء الذّين يحبّون كوثرهم.

أنا أوّل نور يصّاعد من عتمات الرماد القديم.

أنا أوّل العائدين من الموت.

لا أعرف الأنبياء ولكنّني واقع في مداهم.

الطفل:

لا أعرف الشعراء ولكنّني خارج من رؤاهم.

ولا أعرف اللّه لكنّني هاؤه لامه

والحروف التّي أوقد الخلق فيها وأنبت فيها الحياة.

... أنت الرّسولة ...

مالكة الملك والملكوت...

وخالقة الضّوء والظّّلمات...

وأنت التّي نهدك الأرض، سرّتك الحقُّ

دقّة إصبعك فوق طاولتي البرق

الكورس:

أنت الرّسولة وكلّ اللّواتي سأعرف

بعد غيوم يديك …

الطفل:

دُخان ...

الممثل 01 :

أعدّي ليَ الرّوح كي أستريح

أعدّي لي الرّوح

أُحاول نورا ولكنّني …

كلّما شئت شيئا سقطت على عتبات الوضوح.

الممثل 03 :

مغسولةٌ بالضّوء

(...)

لا تسأليني عن وداع لم يكن

الممثل 03 :

لا تسأليني ...

الوجه كان معي والظّلُ كان معي ..

والشّوق يرقد في جفوني ...

إن تكن مجنونةٌ صُوري فأنت ذاكرة الجنون.

الممثل 02 :

اللّه حطّ على أطارف شرفتي

وعلى شبابيكي استوت ليلى وهاجر والمسيح الطّيف

والموتى جميعا والخيام.

فهمت

وحاصَرني من الأوهام والغابات صوتٌ...

وشرّدني المساء فلم أجدْ وطنا فآواني الظلامْ.

الكورس:

وهتفت بالإيقاع...

حاصرني طويلا يا حصار وضمّني

فأنا أموت من الإقامة في جسدْ

يدخل عناصر البالي صحبة الكورس يجسدون صورا ثلاثا متتالية يجسدون بها قول الطفل حسب المقاطع.

الطفل:

(الصورة الأولى)

هبني جناحا سادسا ...

وارسم على وجهي الغيوم وشدّني

الطفل:

واجعل سمواتي بردْ

(الصورة الثانية)

ودع الجميع يودّعون الوهم

خذهم من أصابعهم

وحرّرني لأنساهم

وأُنبت في دمي قمر الأبدْ

الكورس:

(الصورة الثالثة)

أثارٌ لخيل لم تجئْ مذ طوّف الكاهن السّامريّ

ونامت على الأرض هاجرُ عاريةً

لم يطأها سوى أهلِها والمعاني التّي

غرقت في قرار الصدى.

الطفل:

( منسحبا إلى الخلف حتى يتوارى عن الأنظار)

ونامت على الأرض هاجرُ عاريةً

لم يطأها سوى أهلِها والمعاني التّي

غرقت في قرار الصدى.

الممثل 01 :

خطوي الحضارات البعيدة كلّها خطوي

وأهدابي جبال الرّفض والغابات إسمي

الينابيع ظمأى وهذي الدروب مسيّجة بالعماء.

الممثل 03 :

ووحدي أرى الأفق بيتي وأغنيتي

قاطرات الرّؤى والسهول الهباء

الممثل 02 :

إذا عدت ليلا وحيدا

ففي خطواتي تعود الأراضي جميعا

وفي خطواتي تعود السّماء

الممثل 01 :

أنا الآن وحدي كأنّي قطعت من الفجر.

الممثل 03 :

أنا الآن وحدي كأنّي قطعت من الفجر.

الممثل 02 :

أنا الآن وحدي كأنّي قطعت من الفجر.

الممثل 01 :

أنا الآن وحدي كأنّي قطعت من الفجر.

الكورس :

أنا الآن وحدي كأنّي قطعت من الفجر.

يظهر الطفل وهو يقطع الفضاء من اليسار إلى اليمين في خطوة ثابتة متأنّية ونظره نحو الأفق ورأسه ممدودة إليه.

الطفل:

صوتي مضيء وأنسجتي غابة من فصول الرّياح

الممثل 03 :

أنا الآن وحدي كأنّي قطعت من الفجر.

الطفل:

أهزّ جبال اللّيالي كأنّي أشدّ الشّراع القديمَ

لصارية من صواري الصّباح.

الممثل 01 :

أنا الآن وحدي كأنّي قطعت من الفجر.

الطفل:

هيّ الأرضُ .. أنَّى ارتحلت احترقت ...

وحيدا كأنّي من النور ألّفت قولي... ( يغيب )

الممثل 01 :

هيّ الأرضُ .. أنَّى ارتحلت احترقت ...

الممثل 03 :

هيّ الأرضُ .. أنَّى ارتحلت احترقت ...

الممثل 02 :

هيّ الأرضُ .. أنَّى ارتحلت احترقت ...

الممثل 01 :

هيّ الأرضُ .. أنَّى ارتحلت احترقت ...

الكورس :

هيّ الأرضُ .. أنَّى ارتحلت احترقت ... (صمت)

الشاعر :

نقول لروحي إلّى كانت خضراء ويبّسها الوقت ..

هل الكلام إلّي يقولوا فيه كلامك.. اسمعوا.. تمعن فيه.. إنت خرّجتوا من اللّيل الساكن فيك.. ليل الصفاء والفرحة.. ليل الأحلام المندية والطين الأخضر المنسي فوق طاولة نحات..

هل الكلام كلامك.. اسمعوا.. إنت إلّي شقّيت بيه طريق في الظّلام وانت إلّي يلزم تمّن بيه.. نتذكّر هذا الكل.. ونمّن إلّي ثمّة ضو وراء هذا الكل.. ضو يديه صغيرة، بيضاء، حنينة ومليانة بالماء كِي يرى حد يبكي  يعطيه دمعة ولاّ ثنين كِي يرى أرض يابسة يبلّها..  وكِي يرى شجرة بدات تذبل يمسها.. يعزق الأرض.

الشاعر:

إلّي تحت ساقيها ويلبسها ملحفة من الغيم.. الضو هذا كل يوم نمّن بيه أكثر.. نحس بيه كيفي مفتون بالمحبّة وأخضر.. ساعات  نحب نحب نفيّق الناس الكل بيه.. نحب نسقي بيه الأرض.. نبدّل بيه العروق، نستنّى كل برعم وكل ورقة وكل ثمرة بلهفة.. نحس روحي في كل حركة، في كل أنّة، في كل شعاعة نور هابطة من الفوق.. كتيبتي هيّ أنا.. أنا إلّي غارق.. أنا إلّي مرمي وسط الهوى والرّيح.. أنا إلّي نصفي نهار ونصفي ليل.. أنا إلّي عدّيت عمري نحلم ونتكلّم.. ونقول..

الممثل 03 :

تعبنا من الوهم

تركنا له العمر يمطره بالفراغ

وآن أوان الرّحيل

سنترك هذا الوداع لهم

ونخرج من وهمنا المستحيل

الممثل 01 :

لم تبق أساطير في هذي الأرض المحروقة

لم تبق نبوءات..

وحدي أتوغّل في أرض المطلق...

لا ألمح إلاّ الأموات.

الممثل 02 :

مزامير حزني تكسّر في صمتها الإشتهاء

فماذا سأكتب غير الكآبات

تلك التي ذهبت كلّ عمري

فماذا تبقّى لأكتب غير الفتات.

يظهر الممثل الرّابع ومن خلفه يدخل عناصر البالي وينتشرون في الفضاء مع بداية النص يقوم البالي بأداء لوحة راقصة على الإيقاع الشعري للكلمات حتى نهاية القصيدة.

الممثل 04 :

مدّ جذورك زائلة هذه الأسماء

مُدّ جذورك أبعد من أضواء الشّمس

زائلة هذه الأشياء

الغيم بعيد مدّ يديك حدّق في الأضواء

فمن يدك السمراء تساقط تفاح الموت وأغرقنا الماء

الممثل 02 :

أطرد من ظلّك روح المتنبّي

وابعث حلاّجك ثانية دعه يطوف البصرة ثانية

وتموت على يده الحصباء

والبسطاميّ أعده واملأ بالتفاح يديه

ليضربه الأطفال وتصفعه الصحراء

سيجيء الشّاعر وسيعرج نحو البصرة

الممثل 02 :

وسيسرق تابوت الجيليّ ويحرقه

ويمزّق كلّ طواسين الحلاّج ويأخذه الإسراء

الممثل 04 :

يهود الأرض تجيء إليه

تلتفّ البغي على طرف النهر الساقط

من كسر في الباب الخلفي وتأخذني الصحراء

أترك قلبي في بقعة ضوء

سقطت من كسر في الباب الخلفي

وحيدا كنت المبغى أوسع من أرض الرّوح

مدّ جذورك زائلة هذه الأسماء

مدّ جذورك أبعد من ذاكرة الأمس زائلة هذه الأسماء

الممثل 01 :

لي الآن أن أتمنّى كما شئت بيتا

وقد هاجر الطير والعشب والشجرات

لي الآن أن أتمنّى وقد حطّمت قلبي الذكريات

لي الآن أن أتكسّر أن أتسلق درب السّؤال كما شئت

ولي أن أجدد قلبي إذا شرّدتني النساء

الممثل 03 :

وحيدٌ كما شئت ظلٌّ ظلالي وأغنيتي مسكن الشعراء

اللّذين تشرّدهم غيمة في مكان بعيد

وحيدٌ سوادي نهار الأحبّة والبعد في كلماتي لقاء

همست لها.. صوّرت وجهك دائما في لوحة كاللّيل

الممثل 03 :

وعلى يديك وضعت خاصرة السّماء قلائد

وخلقت هذا السيل

الممثل 04 :

وحدي كأنّ نورا صاعدا من فتحة الباب القديم

أضاء قلبي فابتسمت كأنّ وجهك قبلتي

وأصابع الشعراء خيلي

كأنّ قولي غمغمات الأنبياء على سرير الموت

يا ليت تقبلنا السّماء

فننتهي قتلى على أرض القداسة والضّياء

يا ليت تقبلنا السّماء

يواصل البالي أداء لوحته حتّى النهاية في صمت لا نسمع سوى إيقاع الجسد داخل الفضاء من خلال الحركة والتنفس.

الطفل:

أقرأ الآن شعري

وأعرف أنّي أداور في الرّيح

وأمضي إلى وطن في ضريح

الرّماد بداياته ...

والسّواد نهاياته ...

والحصاد الطريح.

الكورس:

يردد جميع الأبيات منذ البداية خلف الطفل في صوت خافت هادئ متناسق لا نكاد نتبيّنه والطفل يتنقل بينهم.

الطفل:

لنا ألم الإختيار ومتعته وانكسار الشجرْ

لنا عادة أن نقشّر هذا السواد العظيم

ونعبره باتّجاه الخطر

حروفي مرايا الخلاص

والتّيه مهدي كأنّي أجيء من الماء

منّي بداية كلّ السّلالات

ولكنّني الآن وحدي.

سأكون وحدي دائما

ولربّما ستعودني في وحدتي الذّكرى

اليوم لي حلم الذّهاب إلى الظّلام

وغدا ستكون لي أسطورة أخرى

قصائدي كانت لباسا للفراغ ..

إنّي رسول الأنبياء جميعهم

لكنّهم لم يعرفوا قلقي ولا كلماتي.

هذا أنا

صحوٌ يكاد النّوء يخلع سقفه

ويكاد صوت النجم يخرق ضفتيه

الطفل:

من الأسافل و الأعالي.

كلّ بحر فيه من صوتي ومن جسدي

ومن ضوئي ومن سهر اللّيالي

إنّني آتٍ إلى الدنيا كما تأتي الشموسْ

لا أبتغي إلاّ التوقف في المحال.

لم يتركوا قمرا لأكتب ما أريدْ

كلّما فكّرت في قمرٍ جديدٍ

كفّنوه

وألبسوه الكارثة

وتذكّروا أن يشعلوا نارا بأخشابي.

الكورس :

يستمر يردد الأبيات حتّى النهاية في صوت مسموع بعد سكوت الطفل

الطفل:

ماذا يريد اللّه من  لغتي

وقد ألقيتها شبكا لأطيار السّؤال

ووهبتها عمري

ماذا يريد اللّه من  لغتي

وهذا اللّيل يسري في مفاصلها

ماذا يريد اللّه من  لغتي

الطفل:

وقد أعطيتها سنوات عمري

لم يحدث شيء

الكورس :

تلك الأفراس ستعبر نهر الظّلمات

سيجيء رعاة الماعز ...

ويَهيلون عليه القشّ وأعطيات الصّوف.

وذاك النّص الخالد

ذاك النّص الواحد

سيكون غريبا في الصحراءْ

وسوف يكون غطاء اللّيل

وستعلوه رمال وتهاويل

الطفل:

وفي آخر الأيّام

أبصرت شبابي يسّاقط

في الأوراق البيض وحيدا أجرد

الشّاعر :

بضوافري نجرح جلد اللّيل. نمدّ حروفي نصقلهم، نسنّهم نمضّيهم، نردّهم يلمعوا ونغرسهم في صدر الظلام.. بالغناء نجّم نتحرّر ونبني فكرة نسمّيها بلاد.. بالرّقص نجّم نفيّق الحجر والشجر والعصافر وعيون الماء إلّي تقطّر في الجبولة.. بالشّعر نغسل وسخ الدّنيا ونطهّر العالم من عاروا القديم والجديد.. نقول الكلمة إلّي تخلقت باش نقولها.. كي نقول كلمة نرتاح.. ننتقم من الوقت.. ونرتاح ونبدى نحلم وحلمتي تكبر.. وتوساع.. نحس إلّي أنا حي لحم ودم كِي نمس بدني بصوابعي ينوّر ونحس إلّي عندوا فم صغير..  فم مش شق قديم في حجرة مرميّة في كهف.. ونحس يدّي بصوابعي العشرة عشرة نجوم يضويو.. ونبدى نتعجّب من روحي إلّي ما عندهاش حدود روحي إلّي تمد يديها باش تغربل الضّو بغربال المحبّة.. وتكبر حلمتي.. نرى روحي شجرة زيتون زمنيّة مادّة عروقها في قلب الأرض.. متفرّعة شبابكها محلولين ويديها ممدودة للشرق والغرب.. وورقها الصغير المندّي يحميها من الرّيح المجهولة والهوا المسموم.. نحس روحي حُر رامي عروقي في السّماء والغيم.. ونبدى نحس إلّي أنا إنسان بالحق.. إنسان ما نخافش وما نخوّفش.. كي نصيح حد ما يكلّمني وكي نطير نطير حُر ونحلق بعيد.. بعيد...

يقوم عناصر البالي صحبة الكورس بتجسيد صورا أربعة متتالية يجسدون بها قول الطفل حسب المقاطع.

الطفل:

(الصورة الأولى)

أريد أن أنام

وأحضن الأيام

الطفل:

كنجمة صغيرة تخاف أن يغتالها الظّلامْ

(الصورة الثانية)

أريد أن أكون

أُرجوحةً أنشودةً أو وردتَيْ جنونْ

أو ساعةً صغيرةً تخاف أن تصيبها العيونْ

أو أحرفاً أخيرة تكمّلُ الكلامْ

(الصورة الثالثة)

أريد أن أعيش في أمانْ

كطائر يُدَوْزِنُ اللُّحون أو يعدّل الكمانْ

أو ينحت الأعشاش أو يُنقّطَ الزُّؤانْ

أو يُشعل الشموع في أوائل الظّلامْ.

(الصورة الرّابعة)

أريد أن أطير

كفكرةٍ صغيرةٍ تفتّحتْ

في الضّوء والأثيرْ

كقارب يهتزُّ في المُوَيجة الحريرْ

وأبتغي السّلام.

الممثل 01 :

في هذه الأرض أسرى نبيّي مُحمد

وأسرى أبي

وأسرى حمام السلام

الممثل 03 :

في هذه الأرض نموت لأنّا نحبّ الحياة

التّي ليس فيها من اللّيل إلاّ الظّلام

وفيها نحاول أن نتدرّب كيف نمُدُّ إلى نجمةٍ

حبل أرواحنا كَيْ تطير وتحضُنَ قُطن الغمام

الممثل 02 :

نحاول في هذه الأرض أن نتصدّى لمن يقتل النّفس

مدّعيا أنّها لا تلائم سحر الرّخام

الممثل 04 :

مللنا حروب الكلام

مللنا حروب التظاهر في ساعتين أمام الحرس

مللنا قراءة كلّ التحاليل

ولا منفذ في الجدار ولا شمعة أو قبس

تنطلق مجموعة البالي في لوحة راقصة معبّرة في حين يقف الطفل

على الجانب الأيسر للفضاء يديه خلفه وظهره للجمهور على شاكلة

حنظلة العليّ ينظر إلى فضاء اللّعب.

في حين يعود الممثلون "عناصر الكورس" إلى أماكنهم بين الجمهور

على الشاكلة التي أتوا عليها.

مع نهاية اللّوحة يخرج البالي في حركة منظّمة ويبقى الطفل على حاله

واقفا لا يحرّك ساكنا.

يسمع صوت الشاعر:

لنا في الحلم متّسع ويكفينا تراب الذكريات لكي نصلّي فكلّ ما نحتاجه أفق صغير للغزالة كي تمرّ إلى الحشيش الأخضر الجبليّ. ونهرٌ للصغار لكي يروا أحلامهم في وجه نرسيس الصغير ووردة للمرج تعلن أنّ فصلا سوف يمضي وأنّ آخر سوف يأتي بالزّهور وبالمنى لنا في الحلم متّسع ويكفينا الهواء لكي نصلّي فكلّ ما نحتاجه وطن لنحيا في سلام مع أطيارنا وصغارنا وترابنا وهوائنا

وطنٌ بحجم قصيدة، وطن بحجم يد !

يسدل الستار

 
  المحتوى
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

يسمح بإعادة النّشر شرط الإشارة إلى المصدر ©
  الزوّار
  للاتّصال بصاحب الموقع
يمكن الأتّصال بالشّاعر في الوقت الحالي على الرّقم الهاتفي 21623400372+
saminasr1234@yahoo.fr أو على البريد الالكتروني
أو مراسلته عبر البريد العادي على العنوان التالي 1 نهج هولاندة حمّام سوسة الجمهورية التّونسيّة
Aujourd'hui sont déjà 6 visiteurs (13 hits) Ici!
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement